لماذا قد يقضى الفرد _بحد أدنى_ ستة عشر عامًا من عمره يدرس بين المدرسة والجامعة لينتهى به المطاف وهو لا زال على أول الطريق ولازال ينقصه الكثير؟ وهل يمكن أن يُحصّل قدرما يحصله في كل هذه السنوات بل وأكثر في وقت أقصر؟ هل يمكن النجاح في الحياة دون المرور بالمدارس والجامعات؟ وهل حقًا الشهادات التى يحصل عليها الفرد تحدد مقدار نجاحه أم هى مظهر إجتماعي بحت مثلها مثل البذلة الأنيقة والحذاء اللامع؟!
هل راودتك هذه التساؤلات من قبل؟
إذا كانت إجابتك نعم أو لا ، فدعنا نُجيبك ونوضح لك عزيزى القارئ.
المدرسة وما بعدها!
من المتعارف عليه أنه بمجرد أن يتم الطفل ستة أعوام تُسرع الآباء في تسجيله بإحدى المدارس لتضمن للطفل تعليم جيد ومن هنا تبدأ الرحلة ، إذ يمر أولاً بالتعليم الإبتدائى ومن ثَمَّ الإعدادى فالثانوى ثم إلى الجامعة..
تسلسل معتاد ومتعارف عليه ولكن يظل السؤال لِما كل هذا؟ وهل سيتأثر الشحص إذا لم يمر بإحدى هذه المراحل؟
من المؤكد أن لكل مرحلة من هذه المراحل أثر في نفس الشحص ودور كبير في تكوين جزء من شخصيته ، فدور المدرسة التربوى والإجتماعى قد يكون أكثر فاعلية وتأثيرًا من دورها التعليمى عند الأفراد ، إذ إن إحتكاك الأطفال _خاصة_ بالعالم من حولهم في البداية يُعد من أهم المراحل بالنسبة للطفل وأصعبها ..
أهمّها إذ يكوّن إنطباعه الأول عن العالم من حوله في هذه المرحلة ، وأصعبها إذ أنه ولأول مره ينفصل عن أمه وبيته ليستكشف ما دونهما ، لذلك تمثل المدرسة تلك النافذة التى ينظر من خلالها الطفل في سنواته الأولى إلى العالم ومن ثَمَّ ينطلق إلى حيث يتمنى..
هل يمكن الإستغناء عن المدرسة؟
من الناحية النظرية يمكن أن نُجيب ب( نعم) مع وجود بعض التحفظات ، مثل أنه يمكن للأب والأم توفير التعليم للطفل من المنزل وأيضًا تعريفه للعالم من حوله بالذهاب إلى الأندية ومساعدته في تكوين صداقات وما إلى ذلك
ولكن سيظل هناك شيئ مفقود لدى هذا الطفل ألا وهو الإنفصال عن حضن أبويه ، قد يبدو الأمر عادى في البداية ولكن مع كِبَرَ هذا الطفل سيواجه مشكلات عديدة من حيث الإعتماد على ذاته في أمور حياته ، وتكوين شخصية مستقلة بفكر مختلف عن مجتمعه الصغير..
من الناحية العملية ستكون الإجابة وبكل تأكيد ( مستحيل الإستغناء عن المدارس في حياتنا) وهذا لأن ذلك سيكون ظُلم بيّن لهذا الطفل الذى سيُحرم من حصوله على إحدى حقوقه من الإختلاط وبناء شخصية سوية له إذ سيعانى من نقص شديد كلما حاول الظهور بشكل راقٍ بين مجموعة من الناس..
قد لا يكون التعليم بالمدارس في هذه الأيام بجودة رائعة ولكن هذا ليس مُبرر للإستغناء عن المدارس، مهملين دورها الذى لا يمكن تعويضة من الناحية الإجتماعية..
لا أريد أن أتعلم بالمدرسة ولا الجامعة !
رفض أحدهم لإكمال دراسته الأساسية بالمدرسة هذا يعنى عدم نضجه وجهله بعواقب ذلك ، أما التعليم الجامعى فهو حقًا ليس ضرورة ولكن حين يقرر أحدهم التخلى عن فرصته في التعلم يجب أن يمتلك خطه أخرى يرى من خلالها مستقبل أفضل ، مثل تنمية مهارات معينه ستمكنه من العمل بشيئ يحبه أو السعى وراء موهبته وتنميتها….ألخ ، وذلك من أجل ضمان إستمتاعه بما يهوى ونجاحه بالشكل الذى يستطيع من خلاله أن يُضيف لذاته ولمجتمعه..
إن كنت شغوفًا بشيئ اسع خلفه حتى تصل إليه حتى وإن كان سعيك يتطلب تعرضك لِما لا تحب ، فإن كنت لا تهوى الدراسة الجامعية فلا بأس بأن تنغمس فيها كوسيلة للوصول لهوايتك فهى إن لم تنفع ، لن تضُر ، خاصة في مجتمع كمجتمعنا يهتم كثيرًا بالمظاهر فالشهادة الجامعية ستكون بمثابة ضمان لك من نظرات الإستهانة والشفقة أو حتى الإحتقار إلى أن تحقق مبتغاك
على عكس مجتمعات أخرى لا تُلقى بالًا سوى بنجاح الفرد وإستقراره..
صعوبات لا بأس بها:
لابد وأن يُصاب الفرد بالممل أو اليأس أو عدم الرغبة في إتمام تعليمه ولكن بمجرد أن ينتهى ذلك الشعور حين يسمع عن إجتيازه لإختبار ما أو نجاحه في إمتحان ما يدرك أهمية ما مرّ به بل وأيضًا يدرك كم الندم العظيم الذى كان سيُصاب به إذا استسلم لتلك الصعوبات، فتحقيق النجاح ليس بالشيئ الهين بل يحتاج جهد وعزيمة ورغبة شديدة تساعده في التتغلب على معوقات النجاح..